ضباب

‏إنه لمن دواعي السخرية أن أقف كـجدار متهالك، ولا استسلم

حينما يقف أمامي جيش من حاملي المعاول الصلبة يحولون بيني وبين شيئٍ لا أعرفه وأظن بأنني لست بمدركه ..

إلهي لا تدعهم يحولون بيني وبينك (إنني اتوسل اليك، وأتبرأ من كل الأشياء، وأتخلص من كل مادة، لتتجلى روحي، فلتتقدس الروح، ولتعد لذاتها، لفطرتها وذاك النقاء، ذاك اللون الملائكي الأبيض).

‏هائنذا واقف على جبل هو لله في أرضٍ هي لله في كونٍ هو لله، ومعطفي مفتوح كـجريدة قديمة تمزقها الرياح ويتلفها المطر، ثم يتسرِب الحبر من خلال غربال العيون الخالية والعقل التائه، والروح المنهكة، إنه غربال اللافهم واللا أدري !!

إلهي ألست القائل: (سِر، انا دليكَ إليّ)، سِرتُ فأعياني المسير، ووحشة الطريق والمسلَك ..

‏إلهي قد تُهتُ في دهاليز الظلمات، إلهي إنني كالأصم، إنني كالأعمى، إنني لا أسمع الكلمات كما يقولونها، لا أعيرهم اهتمامي حين يقولون لي بأن الشمس تشرق فينجلي الظلام وكأني بهم يقولون: (يبتلعنا الظلام فتذوب الشمس) .

إلهي إنني أقف كعلامة استفهام هائلة الحجم، أقف كـ سؤال حائر، كذرة رمالٍ على سفح جبل، كل شيئٍ من الضباب وإلى الضباب، وأيامي ضباب، والحياة ضباب ..

و‏بغتة ،  تحتشد الحياة كلها في يوم واحد يوم (ضبابي) .


انا والمتحف

‏للمتاحف، مهما علا جلالها، كآبتها. كل متحف، كآبة مجسدة. مللّ، مجمّد في حيّز مرئيّ، ومحسوس. المتحف شاهد فناء الإنسان، مذكّر نسيانه.

‏المنحوتة، قد تكون الناجي الوحيد، من حرب لم تبق على أحد في المدينة.

‏في المتحف، قد تكون الزائرة المتأملة، لوحة بيكاسو، أجمل مما تتأمل. ثمة في تقاسيم الوجه الحلو، ما لا تطيق تأطيره، كلّ هذي اللوحات الخالدة.

‏في المتحف، رجل يثرثر في هاتفه، حول ثمن اللوحة الباهظ، وينسى ثمن تأمّله الرخيص.

‏كل متحفٍ، يهب المدينة القاطن فيها، مسحة من بهاء وجلال. كل مدينة، بلا متحف، مسعورة، عرضة للغبار والنهب والشركة العابرة.

‏المتحف، انتصار الجغرافيا على التاريخ. وتصالح التاريخ، ربما، مع الجغرافيا. حيّز المكان، محاصرًا حيّز الزمان.

‏المتحف، تجميد الزمان، وتمجيده.

وغدت المتاحف نفيسة باعتبار مكانها ، لا بقيمتها التاريخية !

‏‎ وأجمل من ذاك الوجه الحرف الذي وصف !

‎ولم يبق من رسائل فان جوخ إلا فتات من حرف حاطوم ..!


ذاتي الإنسانية

رحبة هي روحي كـ رصيف قديم لم يعد يغري المارة بالقعود عليه في زمن الكراسي المتحركة ..

مهجور كـ نافذة قديمة أغلقت فور موت كهل كان ينتظر بشرى عودة ابنه الضال ‘

ضيق جداً كشرفةٍ تملأها فوارغ النباتات المنزلية..

لا رائحة لي كقهوة قديمة، ولا لون لي كوردة ذبلت يوم ضل الساقي الطريق إليها !!

موحش كطريق فرعي كان يختصر المسافة من قريةٍ إلى قرية ..

قاحل كصحراء لا يقطنها احد، مهمل كبستان على ضفاف نهر جف ماءه، كبئرٍ ماءها غوراً !!

موجوع انا كوطنٍ فشلت ثورته، لا الصلح قائم ولا الدماء معصومة !!

نفسي عدم، وكل شيئ حولي بلون الدم والسواد.

لا رائحة للخبز هنا إطلاقاً، لا هواء اتنفسه سوى غاز سام، وربما رائحة البارود !!

مشرد انا، ولا باب يستر حزني فقد صنع الحَدّاد من بابي برميلاً ليقتل به ولدي ويهديني الحِداد ..

متعب انا كـ وطني، ولم تعد تغريني الأحلام، ولا كل طقوس الأمل !!


فقير في السلم والحرب

ابو الفقراء فقيرٌ قديم والتجاعيد تشهد له، عينيه الغائرتين، طيات جبينه ايضاً تدل على مشوار كادح لم ينته بعد (قصة صراع مع الخبز).

قَلبٌ مُشرد قديم وَ مِعطفٌ ثقيل خَشن ، وَيُشيع حُلمه في لِفافة سَجائره وَ لم يَستريح  ..

كانت احلام الطفولة تتجلى في قطعة حلو، ملبس جديد، طعام شهي يُستساغ، ودمية خشبية.

أمّا اليوم لا شيئ مما ذكرته وارد !

مارأيكم بِطفل يأتي وفكرة الموت مُحملة في رأسه وَأنتم تدعونه للحياة (عبث) ؟!.

مجرد هراء ..

شيئ همجي وَ بائس هذا البشري المسخ وَ مُبالغ فيه جداً (من استباح الطفولة) !

لا أهتم للحياه ولم افقد شئ ، الفقد أن تكون أفخم من الحياة .

لكم السلم ولنا (الحرب) .

انا منحاز للفقراء، للمعدمين، للجوعى، والمحرومين .


جنون مؤقت

انا لا اعرف المغفرة، وارجوا للجميع حياةً حافلة بالخطيئة والذنوب، ومن بعدها جهنم وفوق جهنم الجحيم الأبدي ..

وأني حزين جداً على هذه المصيبة التي تسمى حياة.

وأبحث جديًا عن طريقة لائقة مهذبة أعتذر فيها لطفولتي البائسة على الرغم من أني أنا الضحية .

وأشتهي موتاً ولو على سبيل الإستعارة .

اعذروني فأنا “ريح عاتية، وليلتي كغراب يشحذ منقاره ليلقي بروحٍ بشريةٍ في بحيرة القبور ومستنقعاتها ..

كل اواجاعك مستهلكة ياهذا، أأتني بألم جديد كي أشفق عليك أيها البائس.

صدقني لو كنت مكان “نوح” لثَقَبتُ “الفُلك” كي أخلص الطبيعة من شروركم ..


مللت السفر

نعم، انا في جنوب ايطاليا الآن في منطقة جداً سيئة.

هي أسوأ من حضيرة ابقارٍ أفريقية.

لستُ “انطونيو غرامشي” ولا من عائلة “ميديتشي” ولا “ادموندو دي آمشيس” حتى !!

هنا كل شيئ سيئ للغاية.

حتى المطر لا مذاق له ولا ريح !

يارب هذا المطر ، أنقذنا من حياتنا البيولوجية ، خذ بيدنا لنعرفك لنعرفنا ، لنعرف معنى الحياة ومعنى الوجود .

يارب هذا المطر أمسح على قلوبنا بيدك الحانية ، يارب كل جائع ومحزون ، يارب أني أدعو حتى لأولئك الظالمين والقتلة والذين لا يجدون من يدعو لهم .

ألا ترحمني ؟!.


انا والعدم

وأبحثُ عني، بين الإيمان والعدم، وأموت كثيرًا، ولا أصل إلى نقطة النور !!

كنت في طفولتي البائسة

– فن عمر الإدراكِ المبكّر –

كثيراً ما أمشي خلف السيارات،
اتحسس الأضواء الخلفية.

ناشراً أسألتي والكثير من علامات الاستفهام، ولاضوء في عتمة المكان، والمدينة خالية من كل الأرواح الطيبة.

وأسألتي تخترق الضباب

كـدمى صُنِعت من الثلج

كأزلام الجاهلية نُثِرت، كأصنام “قريش”،.

قبل الفتح الفتح العظيم.

وامقُت الأسوار القديمة والمسافات الشاسعة والأشارات الضوئية الحمراء

وأسأل جاري العجوز عميد الكهولة بجنونٍ لا منطقي :

أين الله في كلّ هذا الكون يا سيدي؟!.

وأسأل ثم أسأل يا إخوة التاريخ والدين والعرق وربما القبيلة.

لماذا لسنا سوى ثلة جنودٍ حمقى مرتزقة كثيري الفِسق والكفر (نقتل من لا نعرف لأجل من لا نعرف أيضاً؟!.)..

وفي ساعة استراحةٍ هزلية، غسلت من يديّ الدماء، حان موعد الأغاني الوطنية، لكنّ نادِل المقهي القديم ضايقني جداً بحديثهِ عن الموت المكثّف، وبضحكته الساخرة، برائحته العتيقة، بعرق جبينه، بملامح الكد والعناء، يكابد الحياة وينشد انا كادح كادح انا سجين في دولة همجية.

وكفكف الدموع بمنديل ابنته الصغيرة البريئة التي اغتيلت حين عودتها من المدرسة الإبتدائية، وأخذ احلام ابنه الصغير في كراسة عشبية، وكل الدمى الخشبية وقال في وجل وحزن (وحده الحانوتي من يعِش في هذي الديار، وحده السفاح من يبقَ، من ينصب خيمته على جماجم الصغار) !!

ونحن لسنا سوى شعبٍ يعشق الطرق الممهدة للمقابر

ووحدهم الأموات،

تركوا الأسألة كأوراق الخريف (لماذا قُتِلنا؟!.)،

وألف سؤال، وألف سؤال؟

ألَم يَتّسِع الوطن للجميع؟

أليسَ الوطن كبير جداً، يكفينا جميعاً؟

ألا يوجد بالوطن ماء كثير، مطر غزير، خير وفير، مدنٌ وقرى، وكل مقومات الحياة، ولوحة دنيوية عبثية تحتاح الى التشكيل، ولكن عبثت بها يدٌ عشوائية؟

لماذا نقتل الإنسان فينا إذن؟

ثم تركوا ارواحهم كأوراق شجرة القيقيب المضرحة باللون الأحمر تلون العالم من خلفهم بلون السواد من بعد احمرار.

توقفت قليلاً عن هذياني، ثم صرخت بنفسي قائلاً
ً
هذا ما عرفته !!

بعد عقدين من الزمان ونصف قضيتها على مقعد الاحتياط، او مكان بعيد جداً عن الحدث، وربما في منفىً داخلي، مهجرٌ أنا في هذي الحياة ومنها ..

بتّ الآن أعرف طعم السفر في غابات اليأس، معنى أن تقطع ألف ميلٍ بلترٍ واحدٍ من الأمل !!

وبرائحة عطرٍ صنعت من عرق العمال والفلاحين والفقراء المعدمين (الطبقة المسحوقة)، عليها علامة مبهمة، معلقةٌ حول عنقك ..

وحينما تُنهَك، تَنهار قواك، تتعب، وتثخنك الأسفار.

تأخذ جانب الشارع القديم قليلًا إلى جانب الطريق الرملي

وتلعق جروحك، تتناول كسرة خبز عُجِنَت بدموع اليتامي، أعدّتها إيدي الأمهات المكلومات، والأرامل والأيامَي، لها مذاق الخوف والجوع والتشرد !!

تتلوى كمحاربٍ عُثمانيٍ مصابٌ بعيارٍ ناريّ ثم تبكي بحرقة وتتسائل مالذي جناهُ العرَب ؟!.

وربّما تتمرغ بالتراب الاسود، بجانب الأضرحة المقيتة، وتستنشق هواء الخرافة، تقبل قدمي تمثال بائسٍ لرجل تافة قد أعلَن التأريخ لعنتَه ووعد بالحرية الأكثر كلما كانت اللعنة أكبر ولبئس المسخ هوَ !!

وتمضي أمام نفسك ببطء شديد ممسك، بزمام أمرك، مصيرك، بقدرك، لا حكم لأحد عليك إطلاقاً ..

وتمضي كغريبٍ لا يعرفه أحد.

وإن تسألكُ الطفولة من انت؟

فقُل أنا عصفورٌ شارد.

تعلمتُ من “إيكاروس” حبّ السماوات والتحليق بعيداً عن تلك الأرض الظالمة.

علمني الطيران ولم يعلمني أنّ الطيور تقع وأن الشموع تذوب وأن الشموس ليست إلا تماثيل المواجع الملونة .
فلما طرت..
جرحتني الغيوم، وبللني المطر ..

لا لم يكن مطراً بل كانت دموع الوطن حين عُزِفت موسيقى (قداس الأرواح) ..

تربكني النظرات، وتثيريني التوهمات، ويقتلني الصمت وأحلام اليقظة أيضاً !!

أعيش على الوهم دهراً، وأُمني نفسي وأحلُم لأن الأحلام بالمجّان.

آهـٍ لو أنني قادرٌ على شقِّ البحر

– كما فعل “موسى”

لكن فرعون غادر المسابقة، اختصر المسافة ليتركني سخرية بين الأنبياء !!

ولم تكن التي بيدي عصى موسى، ولستُ سليمانً لأملك الرياح !”

آهـٍ لو أن لي صوت الرّعد ليعلو صوتي صوت الرصاصِ والمدافع، آهـٍ لو أنني خارقٌ كالبرق لأحرق الطائرات الحربية، صلبٌ كالفولاذ لا أرحم قاتلاً ابدا !

قد أتقمص أرواح قتلىً معذبين

أخرج في الليل، وأمشي في الطرقات، وأسبح في الظلمات

أنادي قرب الشرفات،

على أشخاصٍ لا أعرفهم، على أسرى الخطيئة، أنثر المغفرة، وامطر ماءً من صلواتٍ غيث من رحمات.

أو أنْ أشاهد التلفاز والقنوات الحكومية، وأقرأ الصحف الصباحية وأستمع إلى الراديو ايضاً، كمؤمنٍ بالتطبيع، كأي فردٍ من القطيع.

وأضحك على اتساع غرفتي من المقاومة، والصور الثورية تملأ الحائط، تُثقِله !!

وأتحدّث لآخر عقدةٍ في ذاتي

وألعب دور الأرستقراطيٍ رفيع المستوى (هابط القيم، رخيص النفس) ..

وأحتقر لقطاء هذا العالم الوضيع

هؤلاء الرعاع، الجائعين، مدّعيي الأناقة، أبناء الطبقة الوسطى.

أو أن أرتدي

سلسال غريب حول العنق

وساعةٍ فضيةٍ غليظةٍ

ملابس سوداء، توحي بقاتلٍ مأجور، بفردٍ من المافيا الدولية، وأضع نظارات شمسية، وأعيش نهارً دور الجلاد، وبالليل دور الضحية.

وفي الليل أعود إلى تلك الخرابة

كـجندي (تتاري) يمشي بخيلاء

ترك العالم خلفه خرابًا ولم يغسل يديه من دم طفلة عربية.

ينزف قتلى، وخلفه سلسلة طويلة بها أسرى من إحدى القبائل العربية، (اللاعربية) !!

وتسرقني كل ثلاث ليالٍ دورةٌ عقليةٌ مرهقة، دوامة عدمية ..ٌ

أكون متمماً للإيمان في أولها،

ثم يتربص بي الشك ناعمًا وخفيفًا وفي جنح اليأس من كل شيئ، يقترب مني ليتلبسني !

ليغرس رمحه في كبد الاعتقاد،

ليدمي الإيمان ويزعزع اليقين ..

وأحاول نضالًا عبثاً الوقوف.

ومع اكتمال القهر

أكون محبًا للطبيعة وحدها

لا شريك لها

كامل الأنياب صلباً حاد المخالب.

أعرف الآن طعم لفافات التبغ

الّتي ليست لعراف عصبتنا، ولا لقيادتنا السياسية.

ولفافات الصّبر، متاهات مشحونة بالحياة والموت.

لم لا أكذب على اخوتي الصغار في وطني (فالكذب في وطني مباح).

– تفائلوا أيها الصغار عمراً، البالغون من القهر والحرمان دهراً،

فالغد يحمل العصافير والبالونات والدمى الوردية.
الحلوى بالمجان، والملاهي وكل السلع والمتع الطفولية (تفائلوا فنحن في وطن نقتل فيه على الهوية) !!

لا تخشوا أيّ شيء.

لا برميل ولا طائرات التحالف، لا شيء يُخشَى فلسنا في الغابة ولا البرية !!

إن العالم اليوم أرقّ من جناح فراشةٍ، وأشهى وألذ من عسلٍ النباتات البرية.

وأجمل من قلوب كلّ الأسماك، والطف من حمامة الجامع الأموي.

تنتابني هذه الأيام نوبات صحوٍ وجنون مؤقت.

لا يتركني الحاضر لنفسي، أكثر من فاصلٍ اعلاني هزلي !!ّ

وفي بداية كل حياة من الحياة

يحاصرني كفريسةٍ مريضة لاتستطيع الفرار ولا تقوى المقاومة(ينهش لحمي) ..

يوزع وعيي على أطفال الخيام

كالبكتيريا في بركة دماء.

وبعد ألف عام بالسنة الشعرية،

ستباغتني ابتني التي لم تخلق بد ولازلت على قيد العزوبية كطائرةٍ استكشافية :

كيف يا أبي كنتم تشاهدون التلفاز والقنوات الحكومية

وبلا روائح بديلة او الوان خشبية، تستحضر الصورة العالقة في ذهنِي، في غيبوبتي الأبدية !!

وتدمج الشك بالأعصاب، والحزن بالأسى؟

سأجيب بتلقائية

هكذا كانت الحياة يا “حلوتي الصغيرة”

وأصمت خشوعاً..

وتتجمد عينيّ في دموع أزلية

حزنًا على ذكرى،

كانت تقوض عمري حينها

ومالي غنىً عنها!

لا أعرف لماذا كان الناس في قريتنا الصغيرة، ينامون قبل موعد النوم بساعتين،

كغربانٍ تعرف جيدًا ما تفعله،

على الرّغم من أنّ النوافذ،

كانت تتحرك طيلة الليل والستائر شاهدة.

كان الناس يذرعون الشارع المؤدي إلى المدينة، من أوله، إلى أوله،

كبندولٍ ساعةٍ جدارية.

الآن فقط عرفت جيدًا

كم كنت طفلًا ساذجًا، مسكين، بسيط، كمالك الحزين مقصوص الجناحين، عظامي مكسورة.

كسنابل القمح ممتلأ بالأسألة.

أراد أن يكون صحفياً مثيرًا للجدل، ينقل معاناة اهل القرية ..

وصاحب رداءٍ سحريّ بخيوطٍ فسفورية.

من قلبه.

ولم يكن له من الواقع

الا الرماد الأحمر، ولروحه الصبر والسلوان.

يسد مجرى روحه، ويردد انا ذاك الإنسان، ذاك الإنسان


رسالة الى اتباع عدنان ابراهيم و اسلام البحيري

رسالة إلى اتباع المدعو (عدنان إبراهيم) و (إسلام البحيري) اللاعبين على وتر الجهل لديكم، ثم إلى بقية التيارات المعادية للدين بشتى توجهاتهم وأسمائها، قبل التفلسف على أحكام الدين وتفرعاتها !

هل وصلتم لمرتبة الإجتهاد ؟!. وأعني :

1- علوم اللغة العربية (النحو، الصرف، البلاغة، العروض، الرسم، .. الخ.) 12 علم !!

هل اتقنتها؟ هل تفرق بين الـ (ب) و (في) كـحروف جر ؟ هل تعرف معاني (حتى) ؟!.

2- الأصول (كيفية استنباط الأحكام من النصوص) أأتقنتها ؟!.

أعرفت الفرق بين أصول الأحناف والجمهور؟ أتعرف قواعد الخاص والتخصيص من العام مثلاً ؟!.

3- المنطق (آلة التفكير البشرية) درستها ؟!.

ثم ماهي وسائل العلم التي اتفق عليها كل البشر؟ وما معنى علم ؟!.

4- مجموعة الآثار والشواهد : تأخذ (حديث) وتبدأ بالإفتراء والدجل ! أتعرف شواهد لنفس الحادثة؟ تطبيق الحادثة متى؟ ثم هل الحادثة مخصوصة لأحد أو لزمان معين ؟!.

5- تغيرات الزمان والمكان : تفهم اوضاع السابقين ! تفهم مناسبات النصوص؟ المتغير من الثابت في الدين ؟!.

6- هل قرأت التأريخ جيداً بكل مافيه ؟!.

7- هل لديك معرفة بعلم الإنثروبلوجيا ؟!.

الباحث عن الحق يبقى حبيس الكتب لا الأشخاص !


دموعي ودمي واحزاني

ايها الباكون وان كنتم في صف المكلومين المظلومين، دعوني اتمتم بصوت خافت يلفه الخجل

حتى الدموع غدت عارً في عيون الباكين، النائحين على حالنا وما وصلنا اليه.

كفرتُ بالصمتِ العاجز الموابق قليل الحيلة.

والله إني لأستحي من الله أن يصمد طفل تحت القصف والجوع والمرض بينما انعم بالأمانِ والعيشِ اترقب قنوات الأخبار كم شهيد هي حصيلة اليوم !!

وما عساي ان افعل وقد ارتوت ارض الشام والعراق واليمن من دماء الابرياء، بينما دجاجلة العصر يتنطعون من منبر لآخر ويسبحون بحمد الطغاة بكرةً وعشيّا !!

هذا نتاج لسياسة الطغاة العرب، من ال سلول وملالي طهران واتباعهم واشياعهم ..

كيف بمن يزعُم بأنه يسجد لله، ثم يأخذ الإحداثيات عن أميركا ليقتل الأطفال، وآخر يستجلب الفرس والمرتزقة لقتل شعبه ؟!.

الا لعنة الله على الظالمين ..

انا لا أؤيد طاغية ولو قلّ جرمه، الروح هي الروح، والدّمُ الحرام واحد !!


البُشرات

البشرات : حكاية حب وحرب؛

ملحمة ثورية دارت رحاها على صفحات (رواية البُشرات) .

قرأت الرواية بتروٍ وهدوء وخيالٍ يعانق عنان السماء، عشت تفاصيلها وكأنني أحد الثوار، حضرتُ المقدمة وكنت شاهداً عليها حين وقف الجنود القشتاليين مدججين بالسلاح حاملين المشاعل والسيوف يتوسطهم أحد رجال الدين ممن لا دين لهم إلا الجريمة وسفك الدماء، سمعت خطابه الذي ابتدأه بجملةٍ هي (بسم الرب يسوع)، كان الصمت سيد الموقف، وجوهٌ شاحبة، نظرات بائسة، عيونٌ خائفة تترقب، خذلان وضعف وقلة حيلة، كان الظلام يطوق الجموع وصوت الرياح المفزع ينثر دخان الحزن لتذرف منه دموع الحاضرين، اطفال ونساء وشيوخ وشباب ملامحهم أقرب للكهولة ..

بدأت القراءة وانا على يقينٍ تام بأن هناك فرح وحزن، دموع وضحك، حب وحرب، نصر وهزيمة، معارك لا تتوقف، ثورة لا تنتهي، خيانة ووفاء ثم خيانة، عشق ذبيح، احلام لم تبصر النور وأخرى اغتيلت في مهدها ..

تجولت مع عبدالرحمن واحببته كثيراً، كان شخصيتي المفضلة في الرواية، عشت معه احلامه وطموحاته، حزنت لحزنه وفرحت لفرحه، لعبت مع ابنه معاوية، ضحكت مع أم طفله ثريا، شاركته كل معاركه، حتى آخر لحظاته ..

تأثرت لموت سانشو الأشبوني، كان بطلاً شجاعاً، واجه الموت بصبر وثباتٍ وعزيمة، ابتسم لملك الموت وكأنه يقول (يا نار كوني نوراً يضيئ وجه سانشو)، وكأني بمنادٍ ينادي أيا جنة الفردوس تزيني فقوافل الشهداء اعراسها لا تنتهي، والجنة تضحك لفرح قادم ..

اشتطت غضباً لدنائة انطونيو الذي لا هم له الا ان يعيش وان كانت حياة ذل ومهانة، لقد كان رخيصاً جداً، باع كرامته بثمنٍ بخس، واستبدل حريته وعزة نفسه بعبوديةٍ وبؤسٍ لا تقبله بائعة الهوى على عتبات حانةٍ للغجر ..

كنت أُقَبِّل رأس العمة صفية كلما قبلته ثريا وعبدالرحمن، كيف لا وهي بركة الرواية وزينتها، بكيت بصمتٍ على موتها ..

استمتعت بقصة حب عائشة ومأمون، تغنيت بقصائدٍ أندلسية كانا يرددانها بين حقول الورد، وتحت اشجار اللوز المزهرة، تأثرت بمأمون كثيراً، اعجبت بمواقفه النبيلة، وعشقه الخالص، وحبه المجنون، دُهشت من صمود الحب في اقسى ضروف الحرب، كانت قصة عائشة ومأمون مثال عظيم للوفاء والتضحية، كانت تجسيداً لسمو الحب وعظمته !!

حزنت كثيراً لموت السلطان ابن امية، تملكني الحقد على دييكو واركش، قرأت آيات الرحمة على روح ابن امية، وآيات اللعنة على قاتله الناكث الغادر، وقفت ساعة صمت، اما الحداد فكان عادة بين الثوار، فلا ثورة دون شهداء واشلاء ودماء ..

احتفلت بتنصيب السلطان ابن عبو، تفائلت خيراً به وفيه ومنه، اشتدت المعارك، حوصرت (غليرة)، أبيدَ اهلها، عاثت قوات دون خوان النمساوي في ارض غليرة فساداً، قتلت النساء والشيوخ وحتى الأطفال طالتهم يد الطغاة الظلمة وجندهم، واقتيد الكثير من الأسرى ليلاقوا حتفهم في اقبية محاكم التفتيش ..

تذكرت ابن افرج ورفاقه، بكيت ابن المليح، صدمت لخيانة الحبقي وكيف انقلب على عقبيه منتكصاً بعد ان كان مجاهداً فلعنه التأريخ، لعنت سلطان المغرب السعدي، تلمست الف عذرٍ وعذر للسلطان العثماني سليم الأول، احتفيت بالإنكشارية، احببت الجزائر لوقوفها مع المهجرين واثنيت على اهل تونس الرافضين لحكم القشتاليين ..

اعلنت الحداد على مقتل ابن عبو حيث طالته يد الشنيش الغادر ..

تأثرت كثيراً برواية البُشرات، أنهيتها والدمع بعيني حائراً أعلى ألاندلس (الفردوس المفقود) ابكي أم على من ضحى في سبيلها، وكلاهما يستحق أن تبكيه عيني ..

تذوقت حلاوة النصر، وتجرعت مرارة الهزيمة، وحملت راية الثورة ومشاعلها، خبّئتها بين ثنايا روحي لثورةٍ أخرى قادمة، استمتعت كثيراً بقراءة (رواية البشرات) ، ولا غالب إلا الله !!

تقييمي للرواية حسب وجهة نظري (تستحق ان تترجم إلى لغاتٍ أخرى، وتصبح عملاً سينمائياً) ، هي عندي افضل من ثلاثية غرناطة للراحلة العظيمة رضوى عاشور مع كل الإحترام والتقدير ..

شكراً .

رواية البُشرات للمبدع : إبراهيم احمد عيسى.